محكمة النساء الرابعة عشرة
الرباط – 7 مارس 2015
الورقة التقديمية
السياق العام لمحكمة النساء 14
شكل دستور 2011 منعطفا هاما في الإطار المعياري الوطني لحقوق النساء، توج نضالات الحركة النسائية ضد التمييز والإقصاء والعنف المبني على النوع، وتعبئتها المشتركة والمكثفة من أجل دسترة المساواة بين الجنسين. وإذا كان الدستور من حيث روحه ومنطوقه يكرس إجمالا الحقوق الإنسانية للنساء، فإن الفصل 19 يمثل حجر الزاوية الذي يكثف المعايير والمقتضيات المنصوص عليها في تصديره وفي عدد من فصوله، وذلك بإقراره مبدأ المساواة بين النساء والرجال في كافة الحقوق والحريات، والمناصفة كآلية لتحقيقه. كما نص على مؤسسة دستورية لتحقيق الغايتين ممثلة في “هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز“. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تأويلنا للفقرة المتعلقة ب“تسعى الدولة إلى تحقيق المناصفة” يجب أن يذهب في اتجاه إلزام الدولة بالعمل من أجل تحقيقها وليس تسويغ التقاعس عن ذلك وتسويفه. (« œuvrer à la réalisation de la parité » ver. Fr.)
واليوم، بعد مرور أزيد من ثلاث سنوات ونصف على صدور الدستور الجديد، نعود مرة أخرى للمساءلة عما تم إنجازه لتفعيل الفصل 19 من الدستور في التشريع وفي السياسات العمومية والتدابير الإجرائية، ولنستنطق أوضاع النساء والفتيات لتبيان مدى انعكاس المكتسبات الدستورية عليها، وعلى ولوجهن للحقوق والحريات الاساسية، ومدى تقلص الفوارق بين الجنسين في مختلف مناحي الحياة والعمل والمشاركة، ومدى توفر آليات الحماية من العنف والاستغلال المبنيين على النوع. لقد انصرم ثلثا مدة ولاية الحكومة الحالية فما هي حصيلة سياساتها للنهوض بحقوق النساء وحمايتها طبقا لمقتضيات الدستور؟
فإذا كان من نافلة القول أن أحكام الدستور مكتسبات في غاية الأهمية بحد ذاتها، فإن الرهان الأكبر يتمثل في دورها التأسيسي والموجه والملزم لما يتعين اتخاذه من تدابير لترجمتها في القوانين والسياسات العامة وعلى ارض الواقع، وفيما تمد به المجتمع المدني والمواطنين والمواطنات من أسس وضمانات لإحداث التغيير وحفز التطور المجتمعي والحقوقي والسياسي.
ومن ناحية أخرى، فإن المغرب كبقية دول العالم، مطالب اليوم بتقديم حصيلة إنجازاته وتقييم أوضاع حقوق النساء في سياق فعاليات بيجين + 20، وكذا بتقديم تقريره الدوري بشأن تفعيل اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز، وهي محطات أساسية لتقويم حصيلة المنجز في اضطلاع الدولة بالتزاماتها الدولية سواء بالنظر لمقتضيات السيداو أو بالنسبة لمنهاج عمل بيجين، وللوقوف على واقع حال الحقوق الإنسانية للنساء. ومن ثم فإننا مدعوات كمكونات للمجتمع المدني منخرطة في السيرورة والآليات الأممية للتبع والمساءلة، لاستثمار هذه الفرص المتاحة عالميا لترصيد مواقفنا وتعزيز مطالبنا التي ما فتئنا نناضل من أجلها.
السياق الخاص لمحكمة النساء 14
دأب اتحاد العمل النساء على عقد محكمة النساء الرمزية بمناسبة اليوم العالمي للنساء منذ سنة 1996، باعتبارها آلية أثبتت فعاليتها في التحسيس والمناصرة والضغط من أجل النهوض بحقوق النساء وحمايتها ومحاربة العنف المسلط عليهن والتمييز في حقهن. كما أنها تعتمد صيغة جلسات الاستماع العمومية التي تحرر الكلمة وتمكن الناجيات من العنف وضحايا مختلف ضروب التمييز من تملك الفضاء العام وإسماع صوتهن وكشف واقعن المعاش ومعاناتهن والأضرار الناجمة عنها للرأي العام والفاعلين.
وبفضل المقاربة التشاركية المنتهجة فيها، أسهم في هيئاتها ومرافعاتها أصوات متعددة من مختلف مكونات الحركة النسائية والحركة الحقوقية ومن الهيئة القضائية والمحامين والمحاميات والخبراء والخبيرات من تخصصات متنوعة، فشكلت الأحكام الصادرة عنها بالتالي تعبيرا مشتركا عن رؤى ومطالب وتوصيات فاعلين أساسيين في المجال وتطلعات النساء من مختلف جهات البلاد عبر شهاداتهن الحية البليغة في تعرية واقع الحيف والتمييز والعنف. وفضلا عن ذلك، تعتمد أحكام محكمة النساء أداة هامة للترافع والتأثير والضغط عبر توجيهها للمسؤولين والفاعلين ذوي الصلة بقضايا النهوض بحقوق النساء وحمايتها.
وقد حرص اتحاد العمل النسائي على تنويع موضوعات محكمة الرمزية وشمولها أبرز القضايا المرتبطة بالعنف المسلط على النساء والتمييز في حقهن، حيث تناؤلت على التوالي:
* المحكمة الاولى: محاكمة الطلاق كعنف اجتماعي.
* المحكمة الثانية: محاكمة العنف الزوجي تحت شعار:” البيت فضاء للمودة وليس فضاء للعنف“.
* المحكمة الثالثة: محاكمة ظاهرة الطرد من بيت الزوجية والاستحواذ على ممتلكات الاسرة.
* المحكمة الرابعة: محاكمة ظاهرة التوقف عن أداء النفقة، تحت شعار:”الطلاق حق، تجويع وطرد الأبناء من بيت الزوجية ظلم”
* المحكمة الخامسة: محاكمة ظاهرة العنف ضد الفتيات.
* المحكمة السادسة: من أجل قانون جديد للأسرة.
* المحكمة السابعة: محاكمة مدونة الاحوال الشخصية ” تحت شعار أريد حلا“.
* المحكمة الثامنة: محاكمة ظاهرة العنف ضد المهاجرات تحت شعار: الهجرة بالمؤنث والاغتراب المزدوج“.
* المحكمة التاسعة: جميعا من أجل رفع الحصار عن مواطناتنا المحتجزات بتندوف وضمان عودتهن الى أرض الوطن.
* المحكمة العاشرة: المرأة المغربية والحق في الولوج الى الملكية.
* المحكمة الحادية عشرة: من أجل قانون لمناهضة العنف يضمن الوقاية والحماية وعدم الافلات من العقاب.
* المحكمة الثانية عشرة: من أجل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء المغربيات.
* المحكمة الثالثة عشرة: محاكمة ظاهرة اغتصاب القاصرات والتزويج بالمغتصب تحت شعار:”لنوقف وأد بناتنا“.
وبالنظر للسياق الحالي، ولما تقتضيه المرحلة من شمولية في تناول وضع حقوق النساء في بلادنا، ومن ارتباط عضوي برهانات تفعيل الدستور الجديد، فرض موضوع تفعيل الفصل 19 نفسه بقوة كأساس مرجعي مؤطر لأشغال محكمة النساء الرابعة عشرة التي ستنعقد في 7 مارس 2015 بالرباط.
أهداف المحكمة 14
تهدف محكمة النساء الرابعة عشرة إلى تحقيق الأهداف الأساسية التالية:
هندسة أشغال المحكمة
خلافا للصيغة الاعتيادية لمحكمة النساء، التي ترتكز على شهادات حية للناجيات ولضحايا الميز والعنف، ستتمحور أشغالها على مرافعات ممثلات وممثلين عن الجمعيات النسائية بشأن القضايا الأساسية التي تشتغل عليها الحركة النسائية والتي ترتبط جميعها بإعمال الفصل 19 من الدستور، بحكم طبيعة موضوع المحكمة الرابعة عشرة وأهدافها ومحاورها.
وستنتضم المرافعات حول القضايا التالية: مدونة الاسرة – العنف ضـد النساء – تفعيل المناصفة وهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز – العدالة الجنائية للنسـاء – تشغيل الطفلات ومشروع القانون حول عمال المنازل– القوانين الانتخابية والحقوق السياسية للنساء – الاتجار في النساء والفتيات – الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
أما هيئة المحكمة فتتشكل من ممثلات وممثلين عن الحركة النسائية والحقوقية والنقابية وستتولى صياغة قرارات المحكمة اعتمادا على أشغالها بشمل مختلف محاورها وموضوعها الأساس المتمثل في تفعيل الفصل 19 من الدستور.
الموقع الرسمي لإتحاد العمل النسائي 2018. صمم من قبل STUDIO88